نعيش حياتنا وفق توقعات معيّنة من الجميع، فنشعر أن فصول حياتنا يجب أن نرتّبها كما يرتّب الجميع فصول حياته، فالأغلب منا يريد أن يُنهي دراسته ثم يلتحق بالجامعة ويتخرّج منها قبل الـ 22 من عمره، ثم تبدأ هنا مرحلة البحث عن وظيفة تستيقظ كل يوم من أجلها، وبعد ذلك قد يسأل الجميع: متى تتزوج؟ وإذا قرّرت الزواج، يبدأ الجميع بانتظار مولودك الأول أكثر منك، وتكتمل الدائرة بهذه الطريقة وكأن الجميع ينتظر إلى ساعته ويعد لك كل دقيقة، حتى يخبرك عن أي فصل من حياتك يجب أن تبدأ الآن!
هذه الدائرة التي لا تتوقف، جعلت من طلاب الجامعة الذين يقضون سنوات أطول في الدراسة يتوترون عندما يتعدّون العمر الافتراضي للتخرّج، ويبدؤون عد الأيام وينسون الاستمتاع بها، فينظرون يميناً ويساراً لمن يتخرّج قبلهم، وكأنهم آخر من يجري في ماراثون ما.
وهذا ما يحدث أيضاً بالنسبة للكثير من الأمور الأخرى في الحياة بعيداً عن الدراسة، حتى أصبح الشخص يقلل من سؤال الناس عن وضعه دراسياً أو وظيفياً واجتماعياً أكثر من قلقه الحقيقي على نفسه.
هذا الماراثون مُتعب للجميع، ولا يفوز فيه أحد، وعلينا التصالح مع فكرة أن لكل إنسان طريقته الخاصة في الحياة، وهو الوحيد الذي لديه الصلاحية لتخطيط حياته بنفسه، واختيار الفصول المناسبة لاهتماماته وظروفه وقدرته عليها، فليس هناك «موعد وصول» واحد للجميع، والوقت المناسب للوصول أو تحقيق شيء ما، يختلف من شخص لآخر، ولا يجب علينا جميعاً أن ندور بنفس الدائرة المملة.
أعجبتني جملة أرسلتها صديقة لي تقول فيها: (أفرح فيك في كل مرحلة تختارينها في حياتك)، وكانت من أجمل ما قرأت، فهي أعطتني فرصة تحديد ما أتمناه لحياتي، بدون أن تفرض عليّ ما الذي يجب أن أفعله في الخطوة القادمة.
تذكّر دائماً أنك لست أول من يصل ولا آخر من يصل، لست مبكراً جداً ولست متأخراً جداً، لست الأفضل ولست الأسوأ، ولا تحس بالذنب إذا احتجت وقتاً أكثر في أي فصل من حياتك، فهذه حياتك وحدك في الأخير، وأنت من يقرّر ما هو الوقت المناسب للوصول؟
*تم نشره في جريدة الراية القطرية ١٢ أكتوبر، ٢٠١٧.
تعليقات
سعد | تجربتي مع جمع الطوابع
Hanan | تجربتي مع ديزني كروز Disney Magic
تهاني الهاجري | تجربتي مع ديزني كروز Disney Magic