اليوم هو اليوم الأول من رحلتي الجديدة نحو حياة بدون مواقع التواصل الاجتماعي (على الأقل حتى بداية العام القادم)، وأشعر بانشراح في صدري كنت أحتاج إلى أن أشعر به مجدداً، لم يكن قراراً سهلاً، ولكنه القرار الصحيح في هذه اللحظة، فأنا افتقدت وفقدت أهم الأشياء التي تُشكلني كشخص في هذه الحياة وأعتبرها جزءاً مني ألا وهي (الكتابة)، فهي التي ساعدتني على مشاركة المعرفة والتجارب والنصائح والدروس مع الكثير من حول العالم، وهي التي وصلت إلى مكتبة من يعرفني ويتابعني أو لا يعرف إلا عنوان كتبي أو مقالاتي. كل شيء في حياتنا عبارة عن أداة يمكننا استخدامها لما يضيف لنا أو أداة تستخدمنا وتؤرقنا، وأخشى أني ربما وقعت في الثانية.
لم أعد أحتمل فكرة الدخول لأكثر من برنامج، أو الشعور بالضغط عندما لا أجد ما يستحق المشاركة في يومي، فأحياناً أقضي أياماً مثيرة للاهتمام سواء في السفر لدول مختلفة أو خوض تجارب جديدة، وأحيانا أكون سعيدة عندما أرتب غرفتي وأصفي ملابسي وأمسح رفوف مكتبتي.
ربما بدأت الأمور بالانعكاس على بشكل سلبي، فبدلاً من أن أعيش التجارب بكل ما فيني من حماس وحياة ثم أشاركها مع الغير، أصبحت أفكر بالمشاركة حتى أقرر ما يجب أن أقضي وقتي فيه.
أريد أن أعود كما كنت منذ سنوات، أعيش الحياة بكل ما فيها، ثم أشارك تجاربي ليستفيد الناس أو تكون مصدراً للإلهام لهم لخوض مغامراتهم الخاصة، بدلاً من مشاركة يومياتي ليشاهدها المتابعون، لا أحتاج إلى تصوير قهوتي التي أشربها، ولا إلى توثيق اللحظة التي أعيشها مهما كانت مهمة أو غير مهمة، ولم أعد أريد قضاء الكثير من الوقت في تعديل الصور لنشرها أو البحث عن صور من الأرشيف لنشرها حتى لا يبقى حسابي خالياً من المنشورات الجديدة.
أصبحت أكرر نفسي في دوامة لا تتوقف، توقفت عن فعل الأشياء التي أحبها فعلاً، وعانيت كثيراً من (حبسة الكاتب) التي لم أستطع فيها حتى أن أكتب مقالاً متكاملاً منذ فترة طويلة جداً، أصبح بالي مشغولاً في لحظات كثيرة بكيفية توثيقها ونشرها بعد أن تنتهي، حتى أثبت أني قضيت وقتاً ممتعاً.
أصبحت أتلقى معلومات قصيرة وسريعة وغير متكاملة عند تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي، وأحتاج الآن أن أتعلم وأقرأ مراجعي بالطريقة التقليدية، بالتعمق في كتبي ومكتبتي والمكتبة العامة والأبحاث والدراسات الموثقة والدورات المعتمدة، حتى يحصل عقلي على ما يستحقه من معلومات، بدلاً من معلومات سطحية من هنا وهناك لا أعرف مرجعها ولا تساعدني لتكوين فكرة كاملة عنها.
وهذا ينعكس أيضاً على ما أقدمه، أشعر بالاستعجال في النشر حتى لو كان شيئاً بسيطاً، بينما أستطيع تقديم ما هو أفضل من ذلك، مثل المدونات القيمة التي أصبحت مراجع للكثير عندما يبحث في محرك البحث حتى لو مرت سنوات عليها، أو كتبي التي وصلت إلى الكثير من المكتبات لتوصل رسائلي بشكل متكامل، أو مقالاتي التي تسمح لي بأن أقدم فكرتي بشكل واضح من المقدمة وحتى الختام.
ولهذا فأنا انسحب من المشتتات، حتى أركز على ما هو مهم ومستمر.
كل الحُب،
تهاني الهاجري
تعليقات
سعد | تجربتي مع جمع الطوابع
Hanan | تجربتي مع ديزني كروز Disney Magic
تهاني الهاجري | تجربتي مع ديزني كروز Disney Magic