توقفت قبل فترة عن الكتابة الدائمة، وشعرت أن قلمي يحتاج إلى أن يتوقف قليلاً، حتى يسترجع قواه، وكنت أنا أيضاً مُجهدة جداً، وفي الكثير من الأيام يأتي الليل، وأشعر بتعب شديد حتى لو كنت لم أعمل أي مجهود في يومي!
كنت لا أتوقف عن تحديث “التايم لاين” وقراءة كل “منشن” والرد على إيميل أو إتصال يأتيني بسرعة، حتى لو كنت غير مستعدة للرد على أحد، ربما لأني شعرت أنه “يجب علي فعل ذلك!”، انشغالي بالدوامة الاجتماعية، أفقدني التوازن، وقل اهتمامي بذاتي ونفسي، فبالي مشغول مع كل اتصال أو رسالة أو إيميل، وكنت أقلق من أن أهمل أي اتصال، فيعتقد الطرف الآخر أني أتجاهله عمداً. كل هذا جعلني مضغوطة جداً لدرجة أني أصبحت أنسى أين وضعت أشيائي؟ وأفقد تركيزي في القيادة، ولا أعطي كل اهتمامي لمن هم حولي بالقدر الكافي، فالأفكار تتطاير هنا وهناك، وعيناي تنزل لهاتفي، لأطمئن أني قرأت كل شيء، وقمت بالرد على كل شيء.
سحبتني أختي من هذه المعمعة، وسألتني: “ما أطول وقت قضيته بعيداً عن هاتفك؟” قلت لها: “ربما ١٠!”، فشجعتني على أن أعيش بدونه ٤٨ ساعة لأرتب كل أموري مرة أخرى، وأجمع نفسي من جديد، وآخذ استراحة بعيداً عن التقنية، فعشت أول ساعة بصعوبة، والثانية بحزن، والثالثة بشعور الفقدان، والرابعة بالوحدة.. وباقي الساعات كلها بسلام! لأني جلست مع نفسي أخيراً.. وبدون أي مقاطعة، استطعت أن أسمع صوتي الداخلي، بدون أي مؤثرات خارجية، أو أخبار سلبية.
عُدت بعد يومين كاملين بتوازن أفضل، بهدوء أكثر، فما زلت أرد على اتصالاتي، ولكن في الوقت الذي يناسبني شخصياً، ومازلت أحضر الكثير من الفعاليات، ولكن بعد الكثير من التفكير، ومازلت أقرأ الأخبار، ولكن في وقت الفراغ فقط، ومازلت أهتم بحياتي الاجتماعية، ولكن بعد أن أقضي الكثير من الوقت مع نفسي والأشخاص القريبين مني، فأصبحت أُقدر أولوياتي أكثر، وأترك مساحة لذاتي، فمن لا يهتم بنفسه، لن يستطيع الاهتمام بالآخرين.
أتمنى أن يجرب الكل هذه الاستراحة التي نحتاجها كلنا، لنرتب الأشياء المبعثرة في غرفنا، ونصفي أغراضنا، ونقرأ الكُتب التي لم نكملها، ونكتب أهدافنا، ونراجع كل ما فعلناه سابقاً، ونتعلم أننا لسنا مُجبرين على فعل أشياء لا نرغب بها، في وقت لا يناسبنا، ونتعود أن نقول: “لا” عندما نريد ذلك، بدون أن نضغط على أنفسنا ونرهق أرواحنا، فالكل يحتاج إلى استراحة محارب، ليعود إلى ساحة الحياة، وهو أكثر حماساً وتوازناً!
تم نشره في جريدة الشرق القطرية ١٠/١١/٢٠١٥
كلمات رقيقة رقراقة ، بين طياتها ذوق وأناقة ، بين جوانحها زحمة شوق وصداقة
تحمل عبق الأنوثة الناعمة ، وتسجل خواطر بأم مزاحمة ، تتدافع بحق الواجب ,
دونما تنسى المعجب الراغب ، فتتزاحم عليها الأعباء ، ومن ثم لا تجد فكاكا منمن كدر الأنواء،
فليرحم الله الضعف إذا عمل ، وليباركه إذا للأمانة حمل ،
هن يزرع اليأس بالأمل ، وإن روىن النرجس بالهمل ،
فكم نحتاج جميعا لتلك الراحة ؛ حتى تعود إلينا أنفسنا ، ومن ثم تنتظم الحياة .