كنت دائماً أُماطل في أهدافي وأحلامي، والشيء الوحيد الذي كنت أفعله بهم، هو نقلهم من سنة إلى سنة أخرى في تاريخ ١ يناير من كل عام، وأعود لتكرار نفس الخطأ بدون أي تقدم، ولكن في عام ٢٠١٤ قررت أن أعمل شيئاً مختلفاً عن كل ما سبق، وأعتبرت أن الأيام التي أعيشها هي آخر أيام حياتي، وتخيلت أني لن أكون موجودة في هذا العالم بعد ٦ أشهر، ولن يكون لدي وقت أطول في تحقيق كل ما أريد! وعندما شعرت أن وقتي محدود في هذا العالم، بدأت بالشعور بمسؤولية أكبر تجاه حياتي ونفسي، وأن علي الجري خلف أحلامي التي أجلتها بما فيه الكفاية.
بدأت بتقدير النعم التي حولي أكثر، وقل حُبي للماديات التي شعرت أنها لن تنفعني بعد ٦ أشهر، وكان كل اهتمامي يدور حول الناس الذين أحبهم، الوجهات التي أريد أن أكتشفها، الأمنيات القديمة التي أريد تحقيقها، والأشياء التي أود أن أشاركها العالم قبل أن أرحل.
وتحولت المماطلة إلى حماس لا ينتهي، فبدأت بمراسلة دار نشر لإصدار كتابي الأول، وبذلت المزيد من الجهد في دراستي، وسافرت إلى أكثر من ١٠ مدن، وتطوعت في أفريقيا، وأخرجت كل ما يزيد عن حاجتي من ملابس وأغراض لم أستعملها منذ وقت طويل،وأشتريت دراجة أذهب بها إلى الجامعة في بريطانيا، وسجلت في فريق كرة قدم نسائي في الجامعة لتحقيق حلم الطفولة الذي لم أستطع تحقيقه من قبل، واشتريت تذاكر لحضور حفلات للفنانين المفضلين الذين أحبهم ولا أراهم إلا بالمجلات واليوتيوب، فأستطعت أخيراً أن أرى كايتي بيري وتايلور سويفت وبيونسي وجاستن تمبرليك وباك ستريت بويز والكثير غيرهم يغنون أمامي، بعد أن كانوا مُجرد حلم لم أتوقع حدوثه. بالإضافة إلى أني بدأت بالعمل أكثر على مدونتي الإلكترونية لإضافة كل التجارب التي مررت بها في الدراسة والسفر والتطوع وإدارة الأعمال حتى يستفيد الجميع، وأترك أثراً طيباً يحمل اسمي.
فكرة واحدة فقط غيرت حياتي للأفضل، لأني بدأت بتقدير الحياة ومعرفة أهمية أحلامي، فأنا كنت أخشى أن أرحل وأنا في قلبي أحلام مُعلقة لم تُحقق، وكنت أخشى أن أموت قبل أن أكتب للعالم كل ما استفدته وتعلمته، وكنت أخشى أن يفوت الأوان قبل أن أقول لمن أحبهم ..أني أحبهم جداً!
بعد هذه التجربة الجميلة التي جعلت هذه الشهور الستة مليئة بالمغامرات والأحداث والإنجازات التي لا تنتهي، قررت أن أعامل كل يوم وكأنه يومي الأخير، فيوماً ما سوف أكون محقة في ذلك، فأصبحت لا أنام أحياناً قبل أن أفرغ رأسي من الأفكار والكتابات التي أخاف نسيانها مع الأيام، وأصبحت أرفض تأجيل أي حلم أستطيع تحقيقه اليوم، وبدأت أعيش حياتي في تحقيق أحلامي، لا في التخطيط لها فقط، فهناك الكثير من الأشياء التي أريدها قبل أن أموت، تقول غادة السمان: (كنت أريد أن أحيا، لا أن أعيش وأنا أحلم بالحياة).
*تم نشره في جريدة الشرق القطرية تاريخ ٢٥/٨/٢٠١٥
جميل جداً …
أجمل ما قرأت , يعطيكي العافيه